المشارَكة الأولى للمملكة العربية السعودية في الدورة 24 من ترينالي ميلانو الدولي
ميلانو، إيطاليا، 14 مايو 2025 – شهدت الدورة 24 من ترينالي ميلانو الدولي افتتاح معرض “مغرس: مزرعة تجريبية” للزوار بتاريخ 13 مايو 2025 ليكون المشارَكة الأولى للمملكة في هذا الحدث الدولي. تُشرف على المعرض القيّمتان لولو المانع وسارة العمران، والمدير الإبداعي أليخاندرو ستين، ويسلّط المعرض الضوء على التحوُّل الذي شهدته منطقة الأحساء المصنفة على قائمة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ضمن مواقع التراث العالمي، والتي توجد فيها إحدى أكبر واحات العالم. يحمل المعرض اسم “مغرس” وهي وحدة قياس محلية تقليدية تشير إلى مساحة الأرض التي تحيط بها أربع نخلات، ويشمل المعرض أعمالاً فنية، ونتائج دراسات، وبرامج تهدف إلى سبر واستكشاف التقاطعات والصلات الوثيقة التي تجمع بين البيئة والثقافة والذاكرة في الأحساء.

يُقدِّم معرض مغرس أبرز ما توصّل إليه برنامج استمرّ لعام كامل في الأحساء، حيث تم توجيه الدعوة إلى فاعلين ثقافيين ومعماريين وباحثين وأفراد من المجتمع المحلي لتحليل التطورات التي تشهدها الواحة ووضع آلية استجابة لها، ورسم معالم السرديات البيئية والثقافية للمنطقة. ويستعرض الجناح في مدينة ميلانو نتائج وثمار هذه المبادرة واسعة النطاق، بالإضافة إلى ثلاثة أعمال تم التكليف بإعدادها خصيصاً للجناح الوطني السعودي.
العمل الأول هو للمصمّمة المعمارية لين عجلان من مدينة جدة، والتي تجمع أعمالها بين التصميم المكاني والمبادرات الثقافية والتجريب على مستوى المواد المستخدَمة. يتكوَّن عمل عجلان في ميلانو من مخلفات ثانوية لعملية الزراعة، ويدرس توسُّع الزراعة الأحادية وتأثير الأسمدة الاصطناعية على البيئة المحلية. أما العمل الثاني، فهو فيلم متعدد الوسائط للفنان البصري محمد الفرج من الأحساء، يُعيد فيه تخيُّل حكاية شعبية محلية عن أحد معالم القرية. والعمل الثالث هو مادة صوتية لمؤسسة صوت وصورة، وهي عبارة عن منصة بحثية تتبنى نهجاً ملتزماً بالمجتمع المحلي وتكرّس جهدها لاستقصاء التراث والأشكال الفنية غير الملموسة في منطقة الخليج العربي وما حولها. ويتمحور العمل حول تسجيلات وحوارات متعلقة بالتاريخ الشفهي والذاكرة الصوتية للنساء باعتبارها تمثِّل أحد مظاهر المعرفة البيئية.
تمتاز هوية الأحساء بطابعها الهجين الذي يجمع بين السمات الحضرية والريفية، إذ تمتد المزارع بين القرى والمدن، بحيث لا تنطبق عليها التقسيمات التقليدية كمنطقة حضرية بالكامل، أو مساحة ريفية كلياً. كما شكَّلت الأحساء أحد أركان تطوير القطاع الزراعي، ولطالما كانت مصدراً غذائياً أساسياً للمملكة خلال ستينيات القرن العشرين. إلا أنها شهدت تغيرات عَكَست التحولات العالمية الجارية في الأنظمة البيئية الزراعية، وهو ما أدى إلى الإخلال بالتوازن الهش للنظام البيئي وبالاتساق بين الهويتين الريفية والحضرية للمكان.



ومن هذا المنطلق، يوسِّع مغرس السردية المتعلقة بالتوسع العمراني، ونضوب المياه الجوفية، والتصحّر، وذلك بغية إظهار التفاعل القائم بين الممارسات المتوارثة وما تجلبه الحداثة، وبالتالي تكوين فهم أعمق للسرديات الثقافية والبيئية للمنطقة.
وبمناسبة افتتاح المعرض، قالت القيّمتان لولو المانع وسارة العمران: “(معرض) مغرس هو بمثابة تكريم للمكان بيئته وأهله والتفاصيل الثقافية والتجارب الحياتية التاريخية والحديثة التي تتضافر لتُشكِّل بمجموعها منطقة الأحساء. فمن خلال الإطلاع على الماضي والتحولات الحاصلة في المنطقة انطلاقاً من الفنون والأبحاث والإرث المحلي، نسعى إلى التركيز على الحاجة إلى دراسة جماعية واهتمام مشترك في سبيل رسم معالم مستقبل مجتمعاتنا الريفية المحلية. ويُشرّفنا أن نقدِّم أبرز ما توصّلنا إليه في معرض “مغرس” الذي يمثِّل تجسيداً ملموساً لحالة الترابط سواء مع الأرض أو فيما بيننا، ونتطلَّع إلى أن تتردد أصداء ذلك خارج حدود ميلانو والأحساء”.
لولو المانع
لولو المانع هي مهندسة بيئية معمارية في المملكة العربية السعودية، ومتخصصة في إعادة التصميم الحضري والترميم البيئي. بخبرة اكتسبتها من العمل في لندن وإسطنبول وأبوظبي، تجلب المانع إلى مشاريعها مقارَبة تجمع بين البعدين المحلي والعالمي. عَمِلت مع شركة “أروب” على وضع دليل التحوّل الحضري الذي أطلقته هيئة فنون العمارة والتصميم عام 2024، والذي يُمثِّل مبادرة شاملة معنية بوضع رؤية جديدة للفضاءات العامة. كما شغلت منصب مستشارة لنائب وزير البلديات والإسكان بين عامي 2022 و2023، حيث ركّزت على استراتيجية الحدائق المنتشرة في الأحياء.. والمانع هي كذلك عضوة في عدة لجان تحكيمية لجوائز في مجال التصميم في المملكة العربية السعودية. دَرَست في الجامعة الأمريكية في الشارقة وجامعة كولومبيا في نيويورك. وأطلقت بالشراكة مع سارة العُمران مشروع “مغرس” عام 2024، وهي مزرعة ومساحة مجتمعية في الأحساء.



سارة العمران
سارة العُمران هي مستشارة استراتيجية للمؤسسات الفنية في المملكة العربية السعودية والمنطقة، وكرّست عملها لتأسيس كيانات معنية بالفنون، ورعاية التجمعات الإبداعية. وشغلت سابقاً منصب نائبة مديرة مجمَّع “فن جميل” متعدد التخصصات الذي يسعى لدعم الفنانين من خلال مبادرات إقامات فنية والتكليف بتنفيذ أعمال معنية والإشراف على برنامج تعليمية متخصصة. وقبل التحاقها بمؤسسة “فن جميل”، عملت سارة كمستشارة في مجال الإدارة مع مجموعة “مونيتر غروب” و”بوسطن غروب الاستشارية”، بحيث ركّز عملها على التعليم والأثر الاجتماعي للمشاريع. وأطلقت بالشراكة مع لولو المانع مشروع “مغرس” عام 2024، وهو عبارة عن مزرعة ومساحة خاصة بالمجتمع المحلي في الأحساء.
أليخاندرو ستين
هو معماري ومدير إبداعي متخصص بالمعارض والسرديات المتحفية. يتمحور اهتمامه حول خلق تجارب شاملة تقوم على دمج الفن والعمارة والتصميم. وبالتعاون مع فرانك موندراغون، أسَّس ستين استوديو “وورلد” (العالَم) للعمارة والتصميم والمعني بتنظيم المعارض وإصدار الكتب. كما يشغل منصب مدير تصميم المعارض في متاحف الفنون الجميلة في سان فرانسيسكو، وعمل سابقاً كخبير أول بتصميم المعارض في متحف المتروبوليتان للفنون، حيث صمَّم العديد من المعارض البارزة، وساهم في إعادة تصميم جناح مايكل كلارك روكفلر لفنون أفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين. حصل أليخاندرو على درجة الماجستير في الهندسة المعمارية من جامعة كولومبيا.
لين عجلان
لين عجلان هي مصممة معمارية من مدينة جدة السعودية، تجمع أعمالها بين التصميم المكاني والمبادرات الثقافية والتجريب على مستوى المواد المستخدَمة. أما ممارستها فهي متجذرة في التراث العربي، وتركز على سبر طرق جديدة يمكن من خلالها للعمارة أن تعزز أواصر التفاعل المجتمعي، وتُحيي الحِرف التقليدية، وتدعم نهضة بيئية. نالت عجلان درجة الماجستير في العمارة من الكلية الملكية للفنون في لندن التي تستقر بها حالياً. كما عُرضت أعمالها حول العالم، ولا سيما أسبوع ميلانو للتصميم، ومهرجان فنون العلا، وأسبوع باريس للتصميم، وبينالي البندقية. وبفضل مقاربتها متعددة الاختصاصات، تستمرّ عجلان في استقصاء الدور المتبدّل باستمرار للعمارة في رسم معالم المشهد الحسي والثقافي والبيئي.
صوت وصورة
صوت وصورة هي منصة بحثية تتبنى نهجاً ملتزماً بالمجتمع المحلي وتكرّس جهدها لاستقصاء التراث والأشكال الفنية غير الملموسة في منطقة الخليج العربي وما حوله. شهد عام 2020 تأسيس المنصة على يد تارا الدغيثر (الظهران، السعودية)، وهي قيّمة فنية مستقلة وفنانة ومنتِجة ثقافية تركّز على منهجيات التعبير والتعليم. نالت الدغيثر درجة الماجستير في النقد الثقافي والتقييم الفني من كلية سانت مارتن المركزية عام 2013، وعملت في القطاعين العام والخاص، وكذلك في مبادرات مجتمعية محلية.
محمد الفرج
محمد الفرج هو فنان بصري يستخدم في أعماله الأفلام والتصوير الفوتوغرافي والنحت والشِّعر، ومتأثر بإرث مسقط رأسه، وكذلك بأسفاره. يحاول الفرج أن يوثِّق أثر وتأثير الحياة حرفياً ومجازياً. ونظراً لكونه درس الهندسة ونشأ على حبّ الكاميرا في منطقة الأحساء السعودية، يمكن وصف أعمال الفرج بأنها بمثابة توليفة سينمائية من وسائط وأساليب وأفكار متعددة. يهدف الفرج من خلال أعماله ومشاريعه إلى خلق عالم حافل بالحكايات والشِّعر والبحث عن الحقيقة من خلال الاستكشاف والتوثيق والتأويل، في مسعى يأمل الفنان من خلاله إلى تغذية آفاق الخيال وروح التعاطف. ويأتي استخدامه ومن ثم إعادة استخدامه لمواد عضوية ومخلفات من الإنسان بمثابة تكثيف للذكريات والوقت، بحيث تحمل هذه المواد وسردياتها التاريخية بُعداً روحياً. وانطلاقاً من قناعته بأهمية الإبداع الجماعي، يُشارك الفنان كذلك في ورشات عمل وأنشطة عملية مع المجتمع المحلي.
نبذة عن الدورة 24 من ترينالي ميلانو الدولي
تُقام الدورة 24 من ترينالي ميلانو الدولي بين 13 مايو و9 نوفمبر 2025 تحت عنوان “لا مساواة”، وهي مكرَّسة لقضية تزايد حالة اللامساواة في المدن خصوصاً وعالمنا المعاصر عموماً. ومن خلال سلسلة من المعارض، والمشاريع الخاصة والبرنامج العامة، يُعالج المعرض العالمي التحديات العالمية ذات الصلة بالمصاعب القائمة في مساحات العيش المختلفة: بدءاً من الجوانب الاقتصادية وصولاً إلى تلك الإثنية، ومن الأبعاد الجغرافية وصولاً إلى تلك الجندرية. يستقطب الترينالي شخصيات من عالم الفنون والتصميم والعمارة والتجمعات والمؤسسات الثقافية والمتاحف والمراكز البحثية من أرجاء العالم للتداول بخصوص الفكرة الرئيسية للمعرض، ووضع تصوُّر متكامل لكافة أشكال اللامساواة، وتحديد المشاريع الأكثر تطوراً والتي تتحوّل فيها الاختلافات إلى مصدر إثراء، وقيمة إضافية لأشكال جديدة من المجتمعات المحلية.
هيئة فنون العمارة والتصميم
تأسست هيئة فنون العمارة والتصميم عام 2020 من قبل وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية، حيث تعنى بمجالات رئيسية تأتي في طليعتها العمارة، والتصميم والتخطيط الحضري، وعمارة البيئة، والتصميم الداخلي، والتصميم الجرافيكي، والتصميم الصناعي. تعمل الهيئة على دعم وتشجيع الممارِسين في هذه المجالات، وتنظيم المعارض والندوات، وتحفيز التفكير الإبداعي، بهدف ترسيخ ركائز مَشهد يعكس الثقافة الغنية والمتنوعة للمملكة. وتتماشى جهود هيئة فنون العمارة والتصميم مع رؤية السعودية 2030 لتعزيز التميُّز في مجالي العمارة والتصميم، وإبراز هوية المملكة، وتمكين المواهب المحلية، والارتقاء بجودة الحياة في المجتمعات المحلية.
وزارة الثقافة | المملكة العربية السعودية
تتمتع المملكة العربية السعودية بتاريخ عريق في مجالي الثقافة والفنون. ومن خلال الهيئات الإحدى عشرة التابعة لها، تقود وزارة الثقافة تحولاً ثقافياً لتطوير نظام بيئي غني يغذي الإبداع ويطلق العنان للإمكانات الاقتصادية لهذا القطاع، ويُفسح المجال أمام أشكال جديدة وملهمة من التعبير. وضمن هذه الجهود، تسعى وزارة الثقافة إلى تعزيز حضور تراث السعودية وثقافتها في الفعاليات التي تُقام في جميع أنحاء المملكة وخارجها، وتمكين المشاركين من التفاعل مع تاريخ المملكة الغني والمتنوع، والحفاظ على التراث السعودي للأجيال القادمة.